مفهوم العفة والعفاف


العفة : هي منع النفس عن الأمور المحرّمة أو التي لا ينبغي القيام بها .
ويعرّف الشهيد المطهري ( رحمه الله ) العفاف فيقول : إنّ العفة حالة نفسانية تعني السيطرة على القوة الشهوانية بواسطة العقل والإيمان , أو عدم التأثر بالقوة الشهوانية .
قال الإمام علي (ع) مشيرا إلى حقيقة العفة والعفاف : (( الصبر على الشهوة عفة )) . وقال (ع) في رواية أخرى : (( العفاف زهادة )) .
ويطلق لفظ العفيف على الشخص الذي يقاوم الميول النفسانية , ومنها الميول الجنسية , ويحفظ نفسه من الإنسياق وراءها .
ويحتل العفاف مكانة خاصة في الدين الإسلامي , وما أكثر الروايات والأحاديث التي تحث وتدعوا إلى الإلتزام به عمليا وتطبيقه على المجتمع الإسلامي لصيانته من الإنحراف والإنزلاق في الهاوية والإنحطاط الأخلاقي والجنسي والتربوي ويكون المجتمع في نهايته في خبر كان وفي مهب الريح .
وسوف نشير إلى عدد بسيط من الروايات الخاصة بالعفة والعفاف , وحيث ورد عن الإمام علي (ع) يقول : (( أفضل العبادة العفاف )) .
ويقول (ع) أيضا : (( العفة رأس كل خير )) .
ويقول (ع) كذلك : (( ما المجاهد الشهيد في سبيل الله بأعظم أجرا ممن قدرفعف , لكاد العفيف أن يكون ملكا من الملائكة )) .
ومع ما للعفاف من قيمة وأهمية , فإننا نشاهد للأسف قلة الإهتمام به يوما فيوما , وقد أشار أمير المؤمنين (ع ) إلى علائم آخر الزمان , ومن بين ما جاء في كلامه , قوله : (( صار الفسوق نسبا والعفاف عجبا )) .
ولم يعد العفاف يعتبر اليوم إحدى المثل لدى كثير من الناس , وأضحت النساء العفيفات في انزواء حتى في البلدان الإسلامية . ثم أن تركيب هذه المجتمعات أصبح بالشكل الذي يعيق التواجد الاجتماعي الفعال للنساء العفيفات وتمنع البنات المحجبات أحيانا من القبول في المدارس والجامعات بصورة رسمية .
الفرق بين العفاف والحجاب :
الفرق هنا واضح وجلي حيث أن الحجاب هو زي خاص , وأما العفة فهي خصلة ورؤية ومسيرة .
والجحاب غطاء خارجي فقط , بينما العفة غطاء خارجي وغطاء باطني .
وقد يكون الحجاب ناتج عن الرياء كمظهر وشكل جميل ولكنه خارج عن المضمون والجوهر أو الجبر بدون إختيار وقناعة من الشخص نفسه أو التظاهر أو الإضطرار , أما العفة فهي خصلة وقيمة اختيارية ذاتية وعن قناعة وبصيرة ووعي ومعرفة تامة.
وللعفة أشكال مختلفة , منها العفة في النظر , العفة في الكلام , العفة في الشهوة وغيرها . وقد ترتدي المرأة حجابا مناسبا , ولكنها تفتقد إلى العفة في النظر أو الكلام أو القضايا الجنسية , وهذا مثال للحجاب من دون عفة , وعلى هذا يجب أن نهتم بموضوع العفة العامة من أجل بناء مجتمع سليم ترتدي نساءه الحجاب بوعي ومعرفة واضحة .
تعميم العفاف :
يبدو أحيانا أن العفاف موضوع خاص بالمرأة ولكنها نفهم من خلال دراسة الآيات والروايات أن ضرورة العفاف تشمل الرجل أيضا , فنقرأ قوله تعالى : { والحافظين فروجهم } , ثم يقول سبحانه : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } .
ويقول مخاطبا النساء المؤمنات : { قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } .
ولا يوجد فارق في وجوب العفاف بين أشخاص العزّاب والمتزوجين , مع أن القرآن الكريم يخاطب الأشخاص العزّاب الذين يحتاجون أكثر لتحصيل ملكة العفاف وتقويتها , ويقول : { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله } .
وبما أن هناك أناس متزوجون انجرفوا إلى الانحراف والانزلاق والانحطاط الاخلاقي وممارسة نوعا أو أنواع من السلوك الجنسي الشاذ أو ما يسمى (( بالشذوذ الجنسي )) , فإنه يمكن القول أنه لا يوجد اختلاف بين الرجل والمرأة والأعزب والمتزوج في وجوب العفاف .
فوائد العفاف :
في جملة رائعة يوضح الإمام علي بن أبي طالب (ع) هذه المسألة فيقول : (( العفة رأس كل خير )) .
ونشير في ما يلي إلى بعض فوائد العفاف :
1- حفظ النفس والعرض .
بحيث يوجب العفاف ضبط النفس وحفظها عن الرذائل والمعاصي , روى عن الإمام علي (ع) أنه قال : (( العفاف يصون النفس وينزها عن الدنايا )) .
وقال في رواية أخرى : (( ثمرة العفة الصيانة )) .
2- العزة والرفعة والكرامة .
بحيث ينال الإنسان والمجتمع معا العزة والرفعة والكرامة في ظل العفة والعفاف والطهارة والتمسك والثبات والعمل بها .
3- سلامة المجتمع .
ينتج عن العفاف تمتع المجتمع بالسلامة , فالمجتمع يتألف من أفراد , وهؤلاء إذا صلحوا صلح المجتمع , والعفاف مدعاة لحصانة الشباب من كلا الجنسين من الاضطرابات النفسية والروحية والعقلية والفساد والتشرد والانفلات ونشر الدعارة والميوعة , ويحول دون الانحطاط المجتمع اخلاقيا ويحافظ على تماسك العائلة .
4- طهارة الأعمال والأفعال .
عن الإمام علي (ع) : (( بالعفاف تزكوا الأعمال )) .
5- القدر والمنزلة الإلهية .
يقول الإمام علي (ع) : (( من عف خف وزره وعظم عند الله قدره )) .
6- اطفاء نار الشهوة .
قال أمير المؤمنين (ع) : (( العفة تضعف الشهوة )) .
7- صلابة بناء الأسرة :
مثلما أن العفاف مدعاة لتقوية الأسرة , فإن بالإمكان القول أن فقدان العفة هو من أسباب ضعف الأسرة .
8- القناعة .
روى عن الإمام علي (ع) : (( ثمرة العفة القناعة )) .
مراتب العفاف :
للعفاف مراتب , نذكر بعضها وهي :
المرتبة الأولى : العفة في الميل الجنسي , وهي تعني عدم لجوء الإنسان إلى ارتكاب الأعمال الحرام المنافية للعفة لإطفاء شهوته , وتوجيه هذا الميل في الاتجاه الصحيح والحلال .
المرتبة الثانية : العفة في أعضاء البدن , بمعنى أن يقوم الإنسان إضافة إلى السيطرة على الشهوة بمنع اعضاء بدنه عن ارتكاب الذنب والمعصية والفاحشة .
المرتبة الثالثة : العفة في الفكر وثقافته المعرفية , وهي تعني عدم تفكير الإنسان بارتكاب الذنب والمعصية علاوة على ضبط أعضاء البدن , وبهذا يصل المرء إلى درجة يتساوى فيها ظاهره وباطنه ويصبح وجوده تجسيدا للعفة والعفاف .
وأخيرا.. مواصفات النساء العفيفات :
إن جميع الناس يزعمون أنهم مؤمنين وذوي أخلاق حسنة وملتزمين ومن أهل العفة , إلا أن ما يشهد على صدق كلام الإنسان وإدعائه , هو سلوكه وعمله .
والنساء تحب العفة , ولكن هذه الفضيلة والمنزلة الإنسانية الرفيعة لا توجد إلا من تتوفر فيها المواصفات التالية :
1- الوقار والهيبة والاحترام .
2- العفة في الصوت والكلام .
3- تجنب التظاهر وكشف الأعضاء المحرمة .
4- اللباس والزي المناسب والمقبول شرعا .
5- الدقة في التردد واختيار الأماكن المناسبة والابتعاد عن الأماكن المشبوهة .
ومن العوامل المؤثرة في العفة والعفاف وهي :
1- الإيمان .
2- التقوى .
3- الوعي .
4- الحياء الشرعي .
5- ضبط الفكر والثقافة الخاصة .
6- السيطرة على النظر والالتفات .
7- الضمير الأخلاقي والوازع الداخلي .
8- التعقل والتفكير بالعاقبة .
9- عزة النفس وحفظ ماء الوجه .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire