الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

**فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
لقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة على عُلُوِّ شأن وعِظَم منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى عدَّه بعض العلماء سادسَ أركان الإسلام، ومن ذلك:
1- **تحقيق الخيرية للأمة:***
(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران:110] فبغير الأمر بالمعروف لا تستوفي الأمة أركان الخيرية.
2- **من الصفات الأساسية للمؤمنين: ***
(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ)[التوبة:112]، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)[التوبة:71].
3- **من أعظم مهام الرسل والدعاة ومن قام مقامهم:*** فقد جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ)[الأعراف:157].
4- **من صفات الصالحين على مر العصور والدهور: ***
(لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)[آل عمران:113، 114].

5- **تكفير للسيئات ورفعة في الدرجات:*** ففي الحديث:
"فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". [البخاري]. وقد قال أيضًا: "وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة". [مسلم].
6- ومما يدل على شرف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع أصحابه على القيام به:
"تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم؛ ولكم الجنة".[صححه الألباني على شرط مسلم].
7- **أنه أحد الأشراط المهمة للنصر والتمكين: ***
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ)[الحج:41].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنكم منصورون ومصيبون ومفتوح لكم؛ فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينهَ عن المنكر".[الترمذي وصححه الألباني].
8- **طريق الفلاح:***
قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران:104)

**وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ***
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان".
وبيَّن أن من حق الطريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "فإن أبيتم إلا المجالس؛ فأعطوا الطريق حقها. قالوا: وما حق الطريق؟ قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر".[البخاري].
**الآثار المترتبة على ترك هذه الفريضة***
من الأمور التي لا مراء فيها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا فشا في الأمة وارتفعت راياته تميزت السنة من البدعة، وعرف الحلال من الحرام، وأدرك الناس الواجب والمسنون، والمباح والمكروه، ونشأت الناشئة على المعروف وأَلِفَته، وابتعدت عن المنكر واشمأزت منه، ونُكِّست رايات النفاق، وانزوى أهل الباطل.
والعكس بالعكس: إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعُطِّلت هذه الشعيرة؛ فويلٌ يومئذ للفضيلة من الرذيلة، وويلٌ لأهل الحق من المبطلين، وويلٌ لأهل الصلاح من سفه الجاهلين وتطاول الفاسقين.
1- **ترك الأمر بالمعروف من صفات المنافقين:***
قال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ)[التوبة:67].
2- **عموم العقاب:***
إن فشو المنكرات وكثرة الخبث لمنذر بعموم العقاب:
لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:" نعم، إذا كثر الخبث".
وقال:"ما من قومٍ يُعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر وأعز ممن يعمل بها ثم لا يغيرونه؛ إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب". [حسنه الألباني في الصحيحة].
3- إن شيوع المنكرات يطفئ جذوة الإيمان؛ فتموت الغيرة على الحرمات، وتسود الفوضى، وتنتشر الجريمة، ويحيق بالقوم مكر الله:
"والذي نفسي بيده! لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليُوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".[الترمذي. وقال: هذا حديث حسن، وحسنه الألباني].
4- **اللعن والإبعاد من رحمة الله: ***
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة:78، 79]
5- **الغرق في أوحال الفاحشة والرذيلة والعقوبة:***
"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها؛ كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا". (البخاري)
وفي قصة أصحاب القرية المذكورة في سورة الأعراف خير شاهد على هذه الحقيقة.
وبالجملة؛ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام الأمان للأفراد والمجتمعات، كما قال سفيان رحمه الله: "إذا أمرت بالمعروف شددت ظهر المؤمن، وإذا نهيت عن المنكر، أرغمت أنف المنافق". وإن ترك هذه الشعيرة ضياع للأفراد والمجتمعات. نسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire